e-mail : ceointerfirdaus@yahoo.com

فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وانتم بخيرالله ينوّر قلبكم بالقرآن ويجمعنا بكم في ظل الرحمن
فضائل العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك
مع فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي
جاء في الحديث الشريف
"
إنَّ لربكم في أيام دَهْرِكُم لَنَفَحات ألا فَتَعَرَّضُوا لها"
ونحن لا نزال نعيش نفحات شهر رمضان المبارك موسم المُتَّقين ومتجر الصالحين
إلا أننا شارفنا على نهايته فطوبى لمن استثمرها وأحسن التعرض لها
ولَمَّا كان دأب العاملين أن يُشَمِّرُوا عن سواعد الجِد في بداية أعمالهم
فما أن انتهوا إلى أواخرها كَلَّتْ هممهم وفَتُرَتْ عزائمهم،
خَصَّ الله العشر الأواخر من رمضان بمزيد من نفحاته الربانية
ففيها العتق من النار وفيها ليلة القدر التي هي {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
حتى يبقى المؤمن يترقَّى في العبادة ويجتهد في كسب مزيد من الأجر،
شهر رمضان كله خير وكله بركات وكله نفحات
ولكن الله سبحانه وتعالى خَصَّ هذه العشر الأواخر
أي الثلث الأخير مِن الشهر لأن المفروض أن الشهر..
ثلاثون يوم أو ثلاثون ليلة فهناك العشر الأوائل والعشر الأواسط والعشر الأواخر
خَصَّ الله تعالى هذه العشر الأواخر بمزيد من الفضل والعناية لأمرين مهمين؛
الأمر الأول :
أن هذه العشر هي ختام الشهر والأعمال بالخواتيم،
ليس المهم أن تبدأ عملك طيباً صالحاً ثم تنحرف والعياذ بالله فتضيع ويضيع منك الطريق ولكن المهم أن تستمر إلى النهاية
ولذلك قالوا الأعمال بالخواتيم وكان مِن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم
"
اللهم اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم ألقاك"
وكانت عناية الصالحين بخواتيم حياتهم أهم ما يشغلهم أنْ يُخْتَمَ لهم بالإيمان،
فهذه أهمية هذه العشر إنها ختام هذا الشهر
والأمر الثاني :
أن هذه العشر هي ما ظنت ليلة القدر تُلْتَمس فيها ليلة القدر
التي أنزل الله تعالى فيها سورة كاملة في كتابه وقال تعالى
{
إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ (1) ومَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ (2) لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ (5)
هذه الليلة تُلتمس أكثر ما تلتمس وترجى أكثر ما ترجى في العشر الأواخر،
خرج النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة يوماً ليخبرهم بليلة القدر
يعينهم هي ليلة كذا، فوجد رجلين يتلاحيان في المسجد..
اثنين يتشاجران.. قال "فَرُفِعَت" يعني رُفِعَت من قلبي نسيتها قال "
وعسى أن يكون ذلك خير لكم فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان"
وقال في حديث آخر
"
التمسوها في الأوتار في التاسعة والسابعة أو الخامسة"
وهكذا فإذاً هذه العشر الأواخر هي التي يلتمس الناس فيها ليلة القدر
ويضاعفون جهودهم لأنها ليلة قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها
"
مَنْ حُرِمَ خيرها فهو محروم، مَن حُرِمَ خيرها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم" لأنها قال عليه الصلاة والسلام فيها
"
مَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم مِن ذنبه"
مَن قام رمضان غُفِرَ له ومَن قام ليلة القدر لو وافق هذه الليلة غفر له ما تقدم من ذنبه.
وهذه أيام ليالي العشر من الأواخر من رمضان لها فضل وهذا كله من نفحات الله عز وجل،
يعني الله سبحانه وتعالى يتمنى يعني يَمُنُّ على عباده بليالي العشر الأواخر من رمضان
وبعد شهرين يأتي ذي الحجة فيَمُنُّ عليهم نفحات أخرى
"
لربكم في دهركم نفحات" هذه كله من نفحات الله عز وجل ومن فيض فضله على عباده يتيح لهم فرصة بعد فرصة حتى يتنبه الغافل ويتذكر الناسي ويتوب العاصي ويُشَمِّر الكسلان ليدخل في ساحة العبادة والطاعة لله عز وجل.
كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها
السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حدثتنا عن حال رسول الله في هذه العشر فقالت
كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيرها
وقالت كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله،
شد مئزره
يقول يعني البعض يقول يعني كناية عن أنه اعتزل نساءه يعني والبعض يقول شد مئزره كما نقول شَمَّر عن ساعده أو شَمَّر عن ساقه يعني اجتهد في الطاعة والعبادة ما لا يجتهد في أيام أخرى
وأحيا ليله يعني
أحيا ليله كله، في قبل رمضان كان ينام بعض الليل ويستيقظ بعض الليل في العشر الأواخر يحيي الليل كله
وانظر إلى العبارة أحيا ليله كأن الزمن يحيى ويموت كما أن المكان البيوت تحيى وتموت،
النبي عليه الصلاة والسلام قال
"
مثل البيت الذي يذكر فيه اسم الله والبيت الذي لا يذكر فيه اسم الله كمثل الحي والميت"
فيه بيت حي وبيت ميت فيه زمن حي وزمن ميت،
الزمان الذي يغفل الإنسان فيه عن عبادة ربه ويشغل بشهوات نفسه هذا زمان ميت
الزمان الذي يُقْبِلُ الإنسان فيه على عبادة ربه ويتلذذ بطاعة الله ويجد حلاوة الإيمان هذا هو الزمان الحي
فلذلك كان..
قد أحيا ليله كان ليله كله حي معموراً بطاعة الله عز وجل وبذكر الله يُسَبِّح الله سبحانه وتعالى
لا يفتر من ذكر ولا تسبيح ولا تهليل ولا تكبير ولا دعاء ولا استغفار ولا صلاة..
أحيا ليله وأيقظ أهله.. يعني يوقظ زوجاته ونساءه..ليشاركنه في هذا الأجر
وهذه يعني سُنَّة نبوية أن الإنسان يحاول أن يوقظ أهله،
يوقظ زوجته، يوقظ عياله حتى لا يدعهم نائمين ومحرومين من هذا الأجر،
الله تعالى يقول
{
وأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً
ويقول عليه الصلاة والسلام
"
رحم الله امرئ قام من الليل فصلى ركعتين وأيقظ أهله فإن لم تقم نضح وجهها بالماء"
مش يعني يجيب دلو ويصبه لا يرش عليها كده نوع من المداعبة،
يعني بيت يتعاون على الطاعة،
فالنبي على الصلاة والسلام كان يوقظ نساءه وكان يقوم من الليل يقول
"
أيقظوا صواحب الحُجَر"
اللائي يعشن في الحجرات بيت النبوة أيقظوهن ليأخذن حظهن من هذا الخير الذي يتجلى الله به على عباده في هذه الليالي المباركات.

This entry was posted on Saturday 27 September 2008 at 16:36 . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

0 comments

Post a Comment