.: UtuSaN RaYa :.  

Posted by blog dr.


نفـــــــحات العيد
إن الصوم عمل، والصائمون عمال.. يعملون في حقول الطاعة، يقضون أيام رمضان صبرًا على الظمأ، صدقًا في الإمساك عن الطعام رغم حاجتهم إليه. يقضون ليالي شهرهم بين قائم وساجد، وراكع وطائع، ومخبت وداعٍ، ونادم وباك، عمل متواصل في مجالات اليقين.. أدب.. أمل.. رجاء.. طمعًا فيما عند الله تعالى.. بعد عزوف عما عند الناس.. شوقًا إلى الباقي النفيس.. وإعراضًا عن الفاني الرخيص.. هذا الجد.. هذا الدأب.. هذا التحمل.. هذا التفاني في التقرب إلى الله، وبذل الجهد في أداء المطلوب..
هذا الفيض لا بد له من أجر من مولى العمل، دون إلزام ولكن تفضلاً وتكرمًا.
ونقرأ فيما يرويه الشيخان: "إذا كانت آخر ليلة من رمضان غفر الله لهم جميعًا". فقال رجل من القوم: هي ليلة القدر يا رسول الله. قال: "لا، ألم تر أن العمال يعملون فإذا فرغوا وفُّوا أجورهم".
هذا الأجر وهذا العطاء وهذا الفضل وهذا الإحسان ينهمر على الصائمين يوم العيد.. ألم تر أن العامل إذا أدى واجبه، فأحسنه وأتقنه، وقدم لك ما في وسعه لإرضاء صاحب العمل..
ويوم العيد.. عيد حقًّا.. ولا يُقبل القول الدارج بأن كل يوم يمر على الإنسان في خير فهو عيد.. لا يقبل هذا القول إلا تجوزًا.. فللأيام أسماؤها المشروعة.. فهذا يوم عيد الفطر.. وهذا يوم التشريق.. وهذا يوم عرفة ويوم عاشوراء.. وكل منها له فضله وقدره عند الله وعند الناس.. وقيم الأيام تهتز في تقديرنا إذا ما ترخصنا في إنزالها منزلتها..
إن مثل هذه الترخصات التي نستهين بها، مع مرور الزمن قد تفقد يوم العيد معناه، وقد يجرفنا هذا التساهل بكل ما يجب علينا فيها أو ببعضه ما دامت كل الأيام الطيبة عيدًا..
إن الناس ما داموا يتفاضلون بالتقوى.. وما دامت الأماكن تتفاضل بالمشاهد والمناسك.. فكذلك الأيام تتفاضل ولا شك..
فلا نغفل عن هذا الفضل ليوم العيد.
فاليوم يوم عيد.. يجمعنا فيه التوحيد، بالعاطفة والرأي السديد، فسر بقلبك على تحيات العرفان، وتجرد من شوائب القطيعة والانعزال، وتجمَّل مظهرًا، فقد جملتك نفحات رمضان مخبرًا.
شارك بحلو تحاياك في إزالة العبوس والانقباض من جباه المجهدين، وفرِّج بالفضل من مالك كرب المعوزين، حتى تتجلى فرحة العيد بين جميع المسلمين. اغد عيدك زائرًا أبًا أو أمًّا، أو أخًا أو أختًا، فكم تفتح طرقات ذوي الرحم على الأبواب من مغاليق النفوس، وتنشر البشر في جو العبوس، وتأسو الجراح، وتسد منافذ الشيطان.
اليوم عيد.. ابدأ مع أهلك.. بالبسمة الواسعة، ومع الأصدقاء والأحباب باللقاء الحار.. احْنُ على الصغار في الطرقات، وبادلهم التهاني بالعيد السعيد.. وقل للجميع.. سلام عليكم.. لا شقاق، ولا تنابذ، ولا غضب، ولا قطيعة.. فاليوم يوم الجميع.. يستمتعون بفيض السماء بعد نفحات رمضان على أرض المسلمين.
وإذا أخذ المسلمون العيد على هذا الجمال.. غير ناسين أن دينًا جمعهم على هذا الحب ووحَّدهم في هذا اللقاء.. يطالبهم اليوم بنظرة جديدة صافية في حالهم كأفراد.. ماذا أفادوا من رمضان.. وأي مراقي الخير وصلوا خلال الصيام.. فخرجوا من رمضان جسدًا واحدًا يألم سائره إذا تصدع فيه جزء، يطالبهم بالجد والعمل من أجل التخلي عن الضياع إلى الوجود.. وعن الغفلة إلى الانتباه.. وعن التفكك إلى التوحد.. وعن الهوان إلى العز..
عودوا إلى دينكم يوم عيدكم.. فقد حان وقت اليقظة، وإلا فإنها لن تجدي بعد فوات الأوان..!
إن المتآمرين من جميع أركان الأرض يتآمرون على دينكم.. لا من غير أبناء دينكم فحسب.. بل ومن بعض المسلمين.. وإنهم لشر على الإسلام من الناس أجمعين... فالبداء – البداء – فما بعد ما أنتم عليه إلا الوبال وسوء المآل.
أعاد الله العيد على المسلمين جميعًا.. وقد تبوءوا المكانة التي أعدها الله لهم يوم أخرج أباهم من الجنة ليستخلفه وذريته على الأرض.. كي يورثهم الجنة.. فكونوا أحرص عليها، وأشد طلبًا لها، وأعمق شوقًا لنعميها.. حامدين الله الذي صدقكم وعده، وأورثكم الأرض تتبوءون من الجنة حيث تشاءون. والحمد لله رب العالمين.
وكل عام في سعادة.. وكل لحظة في عبادة.. وكل خطوة إلى سيادة.. وكل عمل إلى زيادة.. وكل هدأة في رفادة.. حتى إذا ما سعدتم بعد طول العمر في القدوم إلى ربكم.. رأيتم عوارف الجود، وحسن الوفادة.. سلام عليكم طبتم فقوموا لله قانتين.
بقلم : النيلين

This entry was posted on Monday 29 September 2008 at 11:52 . You can follow any responses to this entry through the comments feed .

0 comments

Post a Comment